يطل عيد الميلاد المجيد على اللبنانيين هذه السنة وقد اصبح للجمهورية رئيسا بعد سنتين من الشغور، ما ولد املا بقيامة الوطن قيامة شبيهة بقيامة السيد المسيح من بين الاموات، وقد انشغل الجنوبيون انطلاقا من النبطية حتى بنت جبيل وصولا الى مرجعيون والزهراني بهذه المناسبة الوطنية والدينية، فزينت شجرة ومغارة الميلاد الكنائس والمنازل والمؤسسات، كما ازدانت طرقات المدن والبلدات الجنوبية بزينة خاصة بالمناسبة التي تجسّد ابعادا هادفة في الخلاص والرجاء والمحبة والمواطنة.
جالت "النشرة" على عدد من المناطق، حيث كانت البداية من مدينة النبطية التي رفعت بلديتها أقواس الزينة على مداخل المدينة لاستقبال ميلاد مخلص البشرية، وفي حديث لـ"النشرة" اشار مختار الحارة في النبطية راشد متى الى ان "ابناء الطائفة الشيعية في المدينة يتشاركون معنا بتزيين منازلهم ومحالهم"، لافتا الى انه "تم تزيين كنيسة السيدة ودير مار انطونيوس وثانوية السيدة للراهبات الانطونيات والمدرسة الانجيلية الوطنية"، مؤكدا ان "اهالي النبطية اعتادوا ان يحتفلوا بالاعياد والافراح، وشكلوا على مدى السنوات الماضية نموذجا يحتذى به في التعايش الاسلامي–المسيحي"، موضحا ان "مدينة الامام الحسين تشمل برعايتها ومحبتها جميع القاطنين فيها من الطوائف كافة".
وفي الكفور تظهر مغارة الميلاد في كنيستي سيّدة النجاة للبلدة، وتملأهما زينة الميلاد، ويقول خوري البلدة الاب يوسف سمعان لـ"النشرة" ان "الميلاد يرمز الى الخلاص والرجاء والمحبة والسلام واستعداداتنا لهذه المناسبة المجيدة على مستوى عال يليق بالفادي"، لافتا الى ان "ما أثلج صدورنا هو رؤيتنا للزينة الميلادية وسط السوق التجاري في النبطية"، مشيرا الى ان "الاعياد المشتركة تذكرنا بانتماء الانسان وترفعه عن مشاكله والصغائر الدنيوية وارتقائه الى العلاء من براثن الانحدار، والاعياد تعلمنا كيفية التقارب والتلاقي بين بني البشر من اجل خير الانسان ورفعته"، موضحا "اننا لا نستطيع ان نعيش الحياة في عالم السماء اذا لم يكن لدينا الإيمان والرجاء"، معتبرا ان "ولادة السيد المسيح تحمل بشائر محبة وخلاص لوطننا لبنان، وقد تمثل ذلك من خلال انتخاب رئيس للجمهورية بعد سنتين ونصف من الشغور والمراوحة، على أمل استكمال تأليف الحكومة وانتظام عمل المؤسسات العامة واجراء انتخابات نيابية لتجديد الحياة الديمقراطية في البلاد"، مضيفا "مع الميلاد هذه السنة نرى ان الحياة قد عادت الى القصر الجمهوري"، متمنيا بهذه المناسبة ان تنبض الحياة في شرايين الوطن مجددا.
اما رئيس بلدية دير ميماس جورج نكد فأكد عبر "النشرة" ان"الميلاد مناسبة للتلاقي والتقارب والتحابب بين كل المواطنين لانه يجسد معنى الالفة والمحبة والرجاء والتعايش الوطني، لذلك قامت بلديتنا بتزيين الساحة العامة ومداخل البلدة، ليشعر المواطن والزائر برونق هذه المناسبة التي تدل على انتظار البشرية جمعاء لمخلص يأتي من السماء ليملأ الارض محبة".
بدوره اشار نبيل عبدو من بلدة بْفَرْوَة الى ان "البلدة انهت كافة التحضيرات واصبحت مستعدة للاحتفال بعيد الميلاد، الّذي هو عيد الخير والمحبة بين ابناء البلدة والجوار، الذين يعيشون العيد من خلال الزيارات والالتقاء بعيدا عن الضغينة والاحقاد"، مضيفا "هكذا ولدنا وهكذا سنبقى".
من جانبه لفت رئيس بلدية زوطر حسن عز الدين الى ان"ابناء الطائفة المسيحية في البلدة ينتظرون ونحن معهم يوم العيد لتبادل التهاني واللقاءات"، معتبرا ان "أعيادنا المشتركة دليل على ان الاديان جاءت لخير الانسان وخدمته في الوصول الى اهدافه المنشودة.
في سياق متّصل، كشف مصدر امني جنوبي لـ"النشرة"، ان مفاعيل الخطة الامنية لحماية دور العبادة (الكنائس والأديار) في الجنوب بدأت، من خلال انتشار الجيش قربها وفي محيطها وقرب المراكز التجارية والثقافية اللبنانية والاجنبية والنوادي الليلية التي يرتادها المواطنون للسهر في عيدي الميلاد ورأس السنة.
وقال المصدر ان كل القوى الامنية والعسكرية تشارك في تطبيق هذه الخطة، من الجيش اللبناني ومخابراته، الامن العام، وجميع قطعات قوى الامن الداخلي وأمن الدولة ووحدات الدفاع المدني اللبناني وجهاز الاطفاء، حيث وضع الجميع في حال استنفار وتأهب مع مراقبة مكثّفة لتحركات المشبوهين، وتجمعات النازحين السوريين.
واضاف المصدر، ان وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي ستنتشر ليلة عيد الميلاد وفي يوم العيد امام الكنائس، لتوفير الهدوء، كما ان هناك دوريات سوف تسيّر على طرقات المدن والبلدات الجنوبية، من صيدا الى النبطية واقليم التفاح وصعودا الى مرجعيون وحاصبيا وامتدادا الى جزين وبنت جبيل ونزولا الى صور والزهراني، على ان تبلغ الخطة الامنية ذروتها عشيّة الميلاد وصباحه وهي تستمر الى نهاية السنة الجارية ضمن المقتضيات الامنية التي تفرضها طبيعة التطورات والاحداث، موضحا ان الخطّة تشمل أيضًا توقيف المطلوبين للقضاء والدولة اللبنانية بمذكرات عدليّة وقضائيّة وخلاصات أحكام ومروجي ومتعاطي المخدرات ومزوري العملات اللبنانية والاجنبيّة.
وتابع المصدر عبر "النشرة" ان الخطة هدفها منع الاخلال بالامن من اي كان لافساح المجال امام المواطنين لاحياء العيدين في اجواء من الاستقرار والطمأنينة والارتياح وسط تدابير احترازية ووقائية واستباقية.
وخلص المصدر الى القول، ان الوحدات المنتشرة على الارض تمارس مهماتها الامنية، وهي مرتبطة بغرفة عمليات، تعمل جميعها بإشراف مخابرات الجيش اللبناني والمديرية الاقليميّة لقوى الامن الداخلي في الجنوب.